فعاليات متجدده وممتعه عبر صفحات منتدانا الغالي |
أقْـــلآم حُـــرّة هنا القلم الحر | جميع ابداعات | الاعضاء| الشخصية| |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
|||||||||||||||||||||||||||||
|
|||||||||||||||||||||||||||||
وجوه للقبلة وقلوب للهاوية
النـص ليس لمرور عابر أو كلمات شكر ترفق أسفله طرح قد خرج من غياهب تأمل عميق يستحق الإدراك ..! ليس هجاءاً لأحد ولا ينسب لشخص فقط هجاءاً على زمان ضاع في ظلال الضياع أحوالنا تشبه صلاة مساجين الشيخ مدمن المؤذن حرامي النفوس كأطلال خاوية، تُحاكي سُدَفَ الليل بوحشةٍ لا يُكسرها فجرٌ مُرتجى. أضحينا كقومٍ كانوا يومًا يلبسون مجد الكرامة، ثم صاروا إلى جُحور الذل، لا يحجبهم عن العار إلا حجاب من نفاقٍ بُليت أطرافه، وغدت خيوطه تمزقها الرياح العاتية على أعتاب هذا الزمن المنكسر، تنفطر القلوب لوهلة تأملٍ عميقة، إذ تبدو أحوالنا أشبه بمن يرتلون الآيات بلا تدبر، يقيمون الصلاة بقلوب مقيدة وأرواحٍ مُكبلة. كأننا في مشهدٍ مأساويٍّ مُرَكَّب، حيث السجناء يُقيمون الصلاة بوجوهٍ تتجه نحو السماء، بينما قلوبهم غارقةٌ في لجّة الأرض، يُسيرها شيوخٌ ذوو عيوب مستترة، ومؤذنون لا تخلو أعناقهم من أغلال الخيانة. كأننا نُعيد رسم ألوان الجاهلية، حيث قال زهير يومًا: “ومن يجعل المعروف من دون عرضه يفره، ومن لا يتقِ الشتم يُشتمِ” فقد أصبح المعروف عندنا غريبًا، والعار يتكاثر كطفيليات تنمو في عروق الكرامة. أليس هذا الزمن أشبه بدائرةٍ لا يُدرك المرء أين أولها من آخرها؟ شيخنا في هذا الزمن رجلٌ مكسور الهمة، أغواه بريق الدنيا، حتى صار من أسارى شهواتها. يؤمّنا بلسانٍ يُنادي بالهدى، لكنه لا يحمل في صدره سوى هوى النفس. أما مؤذننا، فيرفع الأذان بصوتٍ يخدع الأسماع، لكن سريرته مظلمة كالليل البهيم، يسرق الساعات من خزائن العمر كما يسرق اللص قوت الفقراء. أحوالنا باتت كأحوال من قال عنهم الأعشى: “كريه السَّجايا مُستباحٌ عِراضُه ومهما تُخفِها النفس يُظهرها الطَّبْعُ” فكيف لنا أن نُخفي ما أصبح علانية؟ كيف نستتر وراء ستارٍ شفافٍ إذا كان القلب ذاته مثقوبًا؟ يا للعجب، أمة كانت يومًا تُفاخر بالعزيمة، وتتباهى بجمال الأخلاق، أضحت اليوم تُقاد بخيوطٍ واهنة من الخداع. تظن نفسها سائرةً نحو المجد، وهي في الحقيقة تتعثر بين الشعاب، كلما رفعت رأسها، انحنت للريح خوفًا من الكسر. أين نحن من زمانٍ قال فيه احدهم : “وأغضُّ طرفي ما بدت لي جارتي حتى يواري جارتي مأواها” وقد بات اليوم غض الطرف عملًا نادرًا، وأضحى ستر الجار مكرمةً اندثرت. يا لهذا السجن الذي لا جدران له، نعيش فيه كالأسرى، نحسب أننا أحرارٌ بينما نحن مقيدون بخيوطٍ لا نراها، لكنها تخنقنا ببطءٍ كأنها حبالٌ من حرير. ننتابـع بخطى ثقيلة كأننا قطيعٌ لا يدري إلى أين يمضي. أتُرانا نُدرك يومًا ما قاله الحارث بن حلزة: “فهل ينفعنكم ما تُلبسون من العزِّ أو يُغني الثراءُ إذا قدّ الوَتِينُ” حين ينكشف الزيف، وحين يسقط القناع، هل سنجد أنفسنا نُواجه الحقيقة التي تهربنا منها طويلًا؟ أم أننا سنبقى في دائرة النفاق، نُقيم صلاتنا بقلوبٍ خائنة، ونرفع دعاءنا بأيدٍ ملطخة؟ يا أيها القارئ، لا تحسب أنني أُخاطب سواك، بل أُخاطب نفسي قبلك، ففي كل منا إمامٌ زائف، ومؤذنٌ كاذب، وسجينٌ خفي. أفلا نُعيد النظر في حالنا، ونكسر قيودنا؟ أم أننا سنظل كما قيـل: “وما أنا إلا من غزيّة إن غوت غويتُ، وإن ترشد غزيّةُ أرشدِ” أفق يا ابن الإنسان، فإن القيد الذي تراه وهمًا هو الحقيقة الكبرى، وإن الحبال التي تشدك ليست إلا ضعفك الذي صنعته بيديك. ولربما، إذا أردت أن تُحرر نفسك، كان عليك أن تبدأ من قلبك، وتُزيل عنه شوائب الرياء، حتى تلتقي مع نفسك التي فقدتها منذ زمن. فما نحن إلا انعكاسٌ لماضٍ أضاع مجده، وحاضرٍ فقد طريقه، ومستقبلٍ يخشى أن يأتي.
..
|
منذ 4 أسابيع | #2 | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
رد: وجوه للقبلة وقلوب للهاوية
|
|
|