04-15-2018
|
|
عمارة بن حمزة .. و عزّة النفس
عمارة بن حمزة .. و عزّة النفس
كان عمارة بن حمزة من أكثر الناس كرماً و من أشدّهم اعتداداً و اعتزازاًحتى حاول الخليفة العباسي أبو جعفر المنصور أن يكسر من اعتزازه فلم يفلحْ ...و يحكى أنّ المنصور أوصى أحد خدمه عندما يأتي عمارة و يستقرّ به المجلس و كان مجلسه بالمناسبة قريب من أمير المؤمنين أوصاه أنْ ينتهز الخادم فرصة فيحلّ حمائل سيف عمارة بحيث إذا قام سقط السيف على الأرض وكان مقبض سيفه من الذهب الخالص و بالفعل .. تمكّن الخادم من ذلك فلمّا قام عمارة من مجلسه منصرفاً سقط سيفه فتنبّه له ، و لكنّه لم يلتفت و لم يحاول التقاطه , فالتقطه أحد الخدّام و قال له : هاك سيفك ، فلم يلتفت عمارة له ؛ بل قال له : هو لك ، و انصرف . و يحكى عن عمارة بن حمزة هذا أنه كانت له ضِياع أي دار إلّا أنّ احداها كانت أحبُّ إليه من غيرها ، و كان قد شيّد فيها بيتاً جميلاً يستجمّ فيه فاتّفق الخليفة مع أحد خدمه أنّه عندما يجلس بجوار الخليفة يدخل هذا الرجل متظلّماً و يخاصم عمارة في تلك الضيعة ، و بالفعل لمّا أقبل عمارة و استقرّ به المجلس جاء الحاجب و أخبر الخليفة أنّ رجلاً بالخارج يستغيث بالخليفة فأَذِن له ، و أقبل الرجلُ متظلّماً و قال يا أمير المؤمنين إنّ أقرب الناس لك يظلمني قال : من هو ؟ ويحك ! , قال عمارة بن حمزة ؛ اشتريت منه ضيعة كذا و سمّى الضيعة المذكورة و لكنه ينازعني فيها فقال الخليفة لعمارة قم يا عمارة فقف بجوار خصمك فقال يا أمير المؤمنين ما هو لي بخصم و أُشْهدك إنْ كانت الضيعة له فلن أنازعَه فيها و إنْ كانت لي فقد تنازلت له عنها ، ولا أقوم من مكان شرّفني به أمير المؤمنين و خرج و لم يدخل تلك الضيعة مرة أخرى ، فقال المنصور : لا فائدة لقد ارتفع من حيث أردنا أن نخفضَه . ويحكى أنّ الخليفة المنصور قصّ هذه القصة على زوجته فقالت له : سوف أبعث له بهدية فاخرة على ملأٍ من مُجالسيك ، قال : لن يقبلها ، قالت : بل سوف يقبلها ، وبالفعل فقد انتهزت فرصةَ وجوده في مجلس الخليفة فبعثتْ له الخادم يقول له : إنّ حرم أمير المؤمنين تبعث لك هذا العقد للأهل ، و أعطاه عقداً من أندر الجوهر و كان ثمنه يزيد على عشرة آلاف دينار ، فأخذه و دعا لها بخير ، و جعله في يده مدّة ثم جعله بجواره ولما اسْتأذن بالانصراف انصرفَ تارِكاً العقد فقال الخليفة لزوجته : ألمْ أخبرك ؟ ، قالت له : بل إنه نسيَه ، و يُحكى أنّها بعثتْ له العقد مع الخادم فقال له : لقد نسيت العقد فقال له : هو لك ، و اشترته زوجة الخليفة من الخادم بألف دينار. _ فأين مثل عمارة هذا , في هذا الزمن .. ؟!
|