الذي يتعرض له الضحية يبدأ يشعر بأن نفسه لا قيمة لها وانه لا يستحق أي شيء وهو ما يعرف في علم النفس بانخفاض تقدير الذات وذلك سيؤثر على الضحية في كل شيء.
والابتزاز العاطفي يترك اثرا كبيرا في نفسية الضحية وشخصيته قد يحتاج الى سنوات من العلاج النفسي المستمر بعد ابعاده عن الطرف الذي يمارس الابتزاز العاطفي معه وبالنسبة
للأطفال غالبا ما يتحولون هم انفسهم عندما يكبرون الى اشخاص غير اسوياء يمارسون هذا الابتزاز العاطفي في المستقبل مع ابنائهم او زوجاتهم او يتعمدون التخريب والايذاء كما انهم
يصبحون ضحية سهلة للإدمان والانحرافات بسبب القلق النفسي وعدم الطمأنينة الداخلية ولدى الزوجات قد يجرهن الامر للاكتئاب الشديد بل للانتحار في بعض الحالات.
إن أعظم قيد يمكن أن يقيد الإنسان هو الابتزاز العاطفي. وعندما نبحث في الإنترنت عن كلمة الابتزاز العاطفي لا نجد الكثير من النتائج، ربما لأننا نعتبر الابتزاز العاطفي سلوكا
عاديا في كل علاقة إنسانية. ولكن للأسف لا يعتبره القانون جريمة أو جنحة يحاسب عليها، رغم أنه يحاسب على أفعال أقل خطرا بكثير.
ومن أمثلة الابتزاز العاطفي أن يقول أخ لأخته أنها يمكن أن تسيء إليه إذا تصرفت بشكل ما، أو أن تقول امرأة لزوجها أو ابنها أنها لن تنام حتى يعود من سهرته، أو أن
يقول صديق لصديقه أنه كان يعتمد عليه فخذله وسبب له الفشل. في هذه الحالات نجد شخصا يحاول تحميل الآخر مسؤولية إضافية مثل انزعاج الأخ من حرية أخته،
أو قرار الأم بالسهر حتى يعود ولدها، أو فشل الصديق الذي يعتمد على الآخرين لتحقيق أهدافه فيفشل لأنه أساسا لا يعمل بنفسه بل يعتمد على الآخرين
إن الأثر العاطفي الذي يتركه الابتزاز العاطفي في مثل هذه الحالات على الضحية أكبر كثيرا من الأثر الذي يمكن أن تتركه مقاومة الضحية للشخص الذي يبتزه عاطفيا،
حتى لو كان الأخ أو الأم أو الصديق... بعض الناس يستمتعون بالخضوع للابتزاز العاطفي، يعتبرون أن من التضحية أن يمتنعوا عن ممارسة ما يحبونه لكي لا يزعل
أو يتضايق من يحبونه.... هؤلاء الناس يسيئون أساسا لفكرة التضحية النبيلة بعجزهم وبخضوعهم للقيود التي يفرضها عليهم أشخاص مقربون لهم... وبدلا من الاستمتاع
بحريتهم وتقديم تضحيات حرة ومسؤولة، تصبح كلمة التضحية مجرد علاقة يعلقون عليها خوفهم وضعف شخصيتهم وخضوعهم للابتزاز العاطفي. .
و لتكون حرا،
لا تسمح لأحد أن يبتزك عاطفيا، وخصوصا الأشخاص المقربون جدا منك، والذين تحبهم جدا. افعل ما تحب حتى لو انزعج الآخرون، حتى لو تضايقوا، ولا تصدق
أن ممارستك للحرية تسبب أي أذى لهم، في الحقيقة أنهم يقمعون حريتك بهذه الطريقة، وهم بذلك يسببون لك من الأذى ما يجب أن تتخلص منه بأية طريقة،
ويقررون أن يسببوا لنفسهم أذى أنت أساسا غير مسؤول عنه.
يبدأ التحرر من الابتزاز العاطفي من إدراك الإنسان لحقيقة حريته، ومن ثقته بنفسه وبقدرته على تجاوز أية أزمات عاطفية قد تنشأ نتيجة ممارسة حريته. وبدون كل من
هذين الشرطين، لا يستطيع أحد أن يتجاوز الابتزاز العاطفي. الحرية تقنع الإنسان أن وجود شخص ما في مكان ما ينزعج لسبب ما من سلوك ما أمر طبيعي جدا،
ليس سببا كافيا ليمتنع عن ممارسة حريته، لأن الأشخاص الذين ينزعجون من أي سلوك موجودون في كل مكان، ومعظمهم من الأنانيين الذين يكرهون الخير للآخرين.
أما الثقة بالنفس، فهي كل ما ينقص أي شخص يتردد لأي سبب في تنفيذ ما يحب أن ينفذه، ونقص الثقة بالنفس هو السبب الرئيسي للخضوع للابتزاز العاطفي.
عندما يواجهك الابتزاز العاطفي، عليك أن تتعرف عليه فورا، وتواجه الشخص الآخر بحقيقة أنه يستخدم أسلوبا دنيئا في التعامل معك، وأنك تحبه ولا تتمنى أن يخطئ
بحق أحد، وخصوصا بحقك. ربما يحاول الإنكار، أو متابعة استخدام نفس الأسلوب ورفع العيار إلى درجة أعلى من الابتزاز العاطفي، وفي هذه الحالة عليك أن تستمر في
مراقبة سلوك الآخر تجاهك، وحتى لو قرر الآخر أن يسبب الأذى فعليا لنفسه، ويحملك المسؤولية، عليك أن تستمر في التوضيح أنه هو من قرر تسبيب الأذى لنفسه،
وأنك لا تريد له الأذى ولكنك ترفض أن يستخدم معك أسلوبا دنيئا لأنك تحبه.
سيبدو مثل هذا السلوك صعبا في البداية، ولكنه يمكن أن يخلصك من أنواع قاسية جدا من الابتزاز العاطفي، ولا شك أنه سينعكس بشكل إيجابي ثقتك بنفسك وعلى علاقتك بالآخر،
وقد يحول العلاقة معه إلى علاقة ندية بدلا من علاقة سيطرة وخضوع عاطفي. أما إذا استمر الآخر بنفس السلوك الدنيء، ولم تتمكن من تغييره، فعليك عندها أن تثبت لنفسك أنك
حر بمعنى الكلمة، ولا أعتقد أن خسارة شخص يمارس الابتزاز العاطفي بحقك خسارة كبيرة، بل بالعكس، قد يكون التخلص منه ربحا لك يكسبك مساحة كبيرة من الحرية، ولا
يحق لك أن تعتبر أن خضوعك للابتزاز العاطفي تضحية نبيلة.
لا يستطيع أحد أن يستمتع بالحرية الحقيقية طالما لم يتحرر من كل أنواع الابتزاز العاطفي. ويجب على من يشتكي من الابتزاز العاطفي أن يعلم أنه هو قد قرر الخضوع له،
وهذه مشكلته هو وليست مشكلة أن الاشخاص المبتزين عاطفيا تغلب علي شخصياتهم سمات مميزة وهي:
- حب التملك والغيرة الشديدة
- التسلط والرغبة في تحريك الاخرين كما يحلو لهم
- حدة المزاج وعدم المقدرة على الانصات عند الجدال مع الاخر وثورة الغضب من اقل شيء
- وفي معظم الاحيان يكون نفسه ضحية للابتزاز في الطفولة او شاهد الابتزاز داخل اسرته
- يحب ان يعتمد الاخرون عليه فهذا يشعره بقوته
- علاقاتهم الخارجية لا تدوم كثيرا ويغيرون اصدقائهم باستمرار واحيانا اعمالهم ايضا
- يصعب عليهم تقديم تنازلات وينظرون للزواج من منظار خشبي متصلب بأن الطرف الاخر من يجب عليه التضحية فقط ويعبرون عن ذلك للشريك بأنه ينبغي عليه
ان يتحول للصورة التي يريدونها ويرفضون مبدأ التكيف
- يعتبر الزوجة رمزا جزئيا منه وينبغي ان تتصرف بناء على ما برأسه وليس كائن مستقل خاصة عند لحظات الغضب وقد يهينها ولا يتوقع منها أن تتأثر بل وربما
يعاقبها لو حاولت الدفاع عن نفسها
- عند حدوث الخلافات الزوجية دائما يسقطون الاخطاء على الاخر مثال "لولا انك أغضبتني ما نطقت بتلك الالفاظ البذيئة" و مثل " بسببك فقدت أعصابي وفعلت كذا"
و يصعب عليهم تقديم الاعتذار حتى لو كانوا مخطئين ودائما يجدون لا خطائهم مبرر وهو تصرفات الشريك...
- يرفضون اللجوء للمستشار النفسي ويصرون أنهم سليمين والعيب في الطرف الاخر او ربما يقبل الذهاب ثم لا يذهب او يماطل ويؤجل بل ربما يرفض حتى رغبة الشريكة
في الاستشارة ويقول لها انت لا تحتاجي لمستشار بل كل ما تحتاجينه ان تتحولي الى ما اريد وتنفذي ما اقول
- من أكبر سماتهم المقدرة على خداع الاخرين وارتداء لباس الحمل الوديع
-الإهمال و عدم الاكتراث وقد يكون الشخص متواجدا جسديا ولكنه غائب روحيا وهذا اكثر نوع يتبعه بعض الأزواج الذين يمارسون الابتزاز العاطفي مع الزوجات
- الرفض: وقد يكون لفظيا بمعنى ان يعبر الزوج لزوجته أنه لم يعد يود في تواجدها في حياته او يطردها فعليا من المنزل او يتصرف على هذا الأساس فتصل الرسالة للضحية
بأنه غير مرغوب فيه في حياة ذلك الشخص..
- التهديد: وغالبا يستغل الزوج سلطته الشرعية والقانونية لتهديدها باستمرار من شيء تخشاه بشكل لا انساني او بالحرمان من شيء تحبه مثل عملها او صديقاتها
او زيارة اهلها او الخروج من المنزل وغالبا يكون بالتهديد بالانفصال ولا شك أن ذلك يدمر المرأة داخليا واحيانا يلجأ الممارس لتهديد الضحية بالفضيحة الملفقة...
( الفكرة مقتبسة من كتاب : الابتزاز العاطفي )) لــــ د. سوزان فوروارد